لِم لٓمْ تسو لها الطريق ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

عندَما انتُهكت الأجواءُ الليبية بالطيران المعادي، مِن خارج البلاد، ومِن داخلِها، سُئِلَ في وسائلِ الإعلام أكثرُ مِن متحدثٍ مِن وزارة الدفاع ورئاسة الأركان ، عقب القصفِ لمطارِ (امعيتيقة)، عن عملِ الراداراتِ والمنظومةِ الجوية، التي من شأنِها أن تُبلغَ عن حركةِ الطيرانِ المعادِي قبل وصولِه، فأجابَ المسؤول في الوزارةِ؛ ورئاسة الأركان كلاهما بجواب واحد هو أنّ هذه الأجهزة والمعدات لا تشتغل؛ لأنها ضُربت في أول الثورة، أي عام 2011.

والسؤالُ الذي يفرض نفسه بكل حرقة وألم،  ولا يجد المواطنُ له إجابةً، المواطنُ، الذي وَجدَ بيتَه ووطنَه مُستَباحًا لضربات جويةٍ، مستهتِرةٍ ، دون أي قدرةٍ على ردعِها، أو التحذيرِ منها قبلَ وقوعها  هذا السؤالُ ، الذي له في كل قلب حر غصة وحرقة، هو: كم مضَى الآنَ على تعطيلِ هذه الأجهزةِ في منظومةِ الدفاعِ الجويِّ، منذُ أن ضُربت عامَ 2011 ؟! !!

مضَى عليها أكثرُ مِن ثلاثِ سنواتٍ وهي معطَّلة، وقد صُرفتْ لوزارةِ الدفاع ورئاسة الأركان في هذه السنواتِ الثلاث ميزانياتٌ ضخمةٌ، يتحدثُ الناس عنها بالمليارات، فلِمَ لَم يتم إصلاحُ هذه المعداتِ إلى اليومِ، أواستبدالُها؟

هل كان أحدٌ يمنع وزارةَ الدفاع من القيام بهذا العمل، الذي يفرضُهُ عليها الواجبُ الوطنيّ، الذي لا حمايةَ للمدنِ الليبية مِن غاراتِ طيرانٍ معاديةٍ بدونِه، فضلًا عن الواجبِ الديني، فإذا ما افترضْنا حسنَ النيةِ، وكان المانعُ مجرّدَ إهمالٍ غيرِ مقصودٍ، فأينَ المحاسبةُ على هذا الإهمالِ غيرِ المقصودِ، والذي  نرَى ثمنَه باهظًا على الوطنِ هذه الأيام ؟فالذي يُهمِلُ ويُقتَل أحدٌ أو يُدمَّر بيتٌ بسببِ إهمالِه، هو لا شكَّ مسؤولٌ  عن قتلِ مَن ماتَ، وتدميرِ مَا هُدِم، هكذا يقولُ قانونُ العدلِ، الذي ارتضتهُ الأممُ المتحضرةُ اليوم في العصرِ الحديثِ،  وهكذا بالأمسِ البعيدِ - قالَ عمرُ رضي الله عنه، فيما هوَ أقلُّ شأنا مِنَ القتلِ وهدمِ البيوتِ: 

(لو عثرَتْ بغلةٌ بالعراقِ لخِفتُ أن يسألنِي ربّي عنها؛ لِمَ لَمْ تُسوِّ لها الطريق)، وفي صحيحِ البخاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمْ الله وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ؛ رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِطَرِيقٍ يَمْنَعُ مِنْهُ ابْنَ السَّبِيلِ…) ، لأنه يعرضه للتلف ، قال القاضي عياض : وهو في تعريضه يشبه قاتله

فهل أدرَكَ هذا المسؤولُ أو ذاكَ في مؤسَّساتِ الدولةِ عاقبةَ الإهمالِ وتبعاته الجسيمة ؟!      

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

الأحد 8 صفر 1436 هـ

الموافق 30 نوفمبر 2014

 

التبويبات الأساسية