هذه هي (اللعبة!)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قالوا: (الديمقراطية) أن نقبل بما أفرزه صندوق الاقتراع، بعِلاَّته وتجاوزاته وكوارثه، فهذه هي (اللعبة!) كما يسمونها.

فإذا أردت أن تكون (ديمقراطيا) دون أن تُمس بأذى، أو تُتّهم بـ (أخْونَة)، أو بوصف آخر (مُشيطَن) من العيار الثقيل، أو تُشَوَّه صورتك لدى القاصي والداني - إذا أردت السلامة من هذا كله، وأن تصبح وتمسي في عافية - فعليك أن تغض النظر عن الفساد، أو تتحالف معه، أو حتى تشارك فيه؛ إن كان قد وصل إليك من طريق (ديمقراطي).

ليس من بأس أن تتغلغل في مفاصل الدولة، وإن كنت من منظومة النظام السابق، ما دمت تعمل من خلال (اللعبة)، حتى لو كان يشملك العزل السياسي، الذي صار يترنَّح ويُوشك أن يترحم الناس عليه! بعد توجيه اللكمات إليه بالقاضية، وآخرها ما سُمِيَّ "الحوار الوطني"! الذي ربما آخر من ينضم إليه سيف القذافي، فقد سئل في معتقله: أين يرغب أن يحاكم!

ليس من بأس أن تملك وتتحكم في القرار والميزانيات والمال والإعلام، وفي توجيه الرأي العام، فتُشَيْطِن وسط زحمة خلط المفاهيم العالمية كل وصف لا تحبه، وإن كان في ذاته نبيلا يدعو إلى فضائل الدين وقيم الأخلاق التي فطر الله الناس عليها، أو حتى لا يزيدُ صاحبُه عن أن يكون من أهل لا إله إلا الله، يقولها بحق!

ليس هناك ضير أن يكون عملك على النقيض من أهداف الثورة!

أوعلى خلاف ما أراده  منك من اختاروك ومكنوك! وأن يُضرب المؤتمر أو يَغيب عن الجلسات وينشغل بعد الْتِآمِه بتصفية حسابات، وصراع جبهات، ويتهرب من اتخاذ قرار حازم يضع حدا لما نراه من سطو وتدمير لثروة ليبيا النفطية، بلغت خسائره المباشرة إلى حد الآن ١٣ مليار دينار، هذا التقصير الصارخ في تحمل المسؤولية، والتهاون الواضح في حمل الأمانة، والتضييع المعيب للأوطان، والانشغال عنها بالتقاتل على مكاسب حزبية، أو جهوية، كله لا يهم، مادام الذي أوصلك - أيها العضو في المؤتمر، أو المسؤول في الحكومة - هو صندوق الاقتراع، فعلى الجميع أن يقبل ويُذعن، ويستكين ويستسلم، فإذا ما اعترض أو استنكر وتململ، فهو شريرٌ مارق، مفتن مفرق، عدو للديمقراطية!

هذه هي (اللعبة)!!

ما كان يطمح إليه عامة الشعب الليبي المستضعف - الذي قاسى الأَمَرَّيْن من سياسة الخداع والمراوغة والوعود الكاذبة، والتآمر والتسلط على البلد، في قرارها وخيراتها، على مدى عقود مضت - أن (الديمقراطية) - التي ثار من أجلها، ونشد من أزره عليها، وما تُدَنْدِن حولها الدول الكبرى وتُطالبه بها على أرضه - هي تلك التي تطبقها هذه الدول الكبرى على رعاياها؛ هي العدل بين الناس، والمساواة في الحقوق والواجبات، ورفع الظلم عن المظلومين، والحفاظ على المال العام، والشفافية في إدارة شؤون الدولة وفي اتخاذ القرارات، ومحاسبة المختلسين، ومتابعة المقصرين، وملاحقة المفسدين، والحفاظ على ثوابت الوطن في وحدته وصيانة ثروته، وأن يرى الناسُ الأفعالَ لا الأقوال، فهذا الذي مات مِن أجله مَن مات، وهو ما يتفقُ مع عدل الإسلام، وثوابت الوطن، فلم يمتِ الناس أو يذهبوا إلى صندوق الانتخاب، من أجل (اللعبة)!!

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

غرة محرم 1435 هـ

الموافق 5 نوفمبر 2013 م

 

التبويبات الأساسية