بسم الله الرحمن الرحيم
كل إنسان مرهون بعمله
المسؤولية الفردية في القرآن واضحة بينة لا لبس فيها، وتتكرر فيه بأساليب متنوعة، قال تعالى: (وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا) (الأنعام 164)، (كل نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ[ (المدثر 38)، (لها مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) (البقرة 286)،(منْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا) (فصلت 46)، (من يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ) (النساء 123)، (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ) (الزلزلة 7)، وهذا من دِلالات هذه الآيات في المسؤولية، عام شامل لمن كان في أدنى سُلم المسؤولية أو أعلاه فمن كان في أدنى سلم المسؤولية فهو مرهون بعمله وكسبه هو وحده لا بعمل غيره وكسبه، أما من كان في وسط السلم أو أعلاه فمسؤوليته تتضاعف وتتعاظم بارتفاع درجته وتكثير مسؤوليته، لأنه حينها لا يكون مرهونا بكسبه هو وحده بل بكسبه وكسب من كان دونه يعملون بناء على قوله، يأتمرون بأمره وينتهون بنهيه، وهو ما يشير إليه القرآن في تحميل الكبار مسؤوليتهم ومسؤولية من كانوا سببا في أخطائهم قال تعالى: ]وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ[ (العنكبوت 13)، وقال: ]لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ[ (النحل 25)، ويدخل تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ سَنَّ سُنَّةَ ضَلَالٍ فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا، كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ أَوْزَارِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةَ هُدًى فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا، كَانَ لَهُ مِثْلُ أُجُورِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ) (مسند أحمد 10556).
فالقاعدة العامة في تحمل التبعات ومسؤولية التصرفات في الشريعة، أن كل إنسان مسؤول وحده عن تصرفات نفسه، لا يُغني فيها أحد عن أحد، لا مدير ولا وزير ولا أمير، حُكم عام للمسلم والكافر والصالح والعاطل والصديق والعدو والوالد والولد والصاحبة بالجَنب، قال الله تعالى: ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا[ (لقمان 33)، وقال عز وجل: ]يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ[ (الدخان 41)، وقال: ]وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى[ (الأنعام 164).
الآمر والمتستر شريك للمُفَرِّط:
لا يُعفي أحداً من المسؤولية صدور الأمر إليه من الأعلى، فالواقف بالباب يحرس الأموال إذا سرقت أو هُرِّبت بأمر المدير فالمدير والحارس في السرقة شريكان، والمدير الذي يغض النظر عن من يفرط في عمل مكلف به أو يتستر عليه لصداقة أو قرابة أو وجاهة في غياب أو انصراف قبل الوقت المحدد أو يجامله في كتابة تقرير عليه بخلاف واقعه هو مُضَيِّع للأمانة خائن في العهدة مزور للشهادة، وقد نهى الله تعالى عن خيانة الأمانة فقال: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ[ (الأنفال 27).
وكل ما يترتب على تستره من تضييع لمصالح الناس، أو إضرار بهم في أنفسهم، أو أموالهم، أو إضرار بالمال العام، أو تعطيل وإعاقة في كسبٍ وتنميةٍ وربحٍ، كل ذلك يشترك في تبعته المفرط في عمله والمتستر عليه، وهذه حقوق عباد وحقوق أمة، ولئن كانت التوبة تَجُبُّ ما قبلها وتمحوه، فذلك في غير حقوق العباد، فحقوق العباد لا يهدمها ولا يمحوها ولا تصح التوبة منها إلا بالتحلل من أصحابها، وكيف لمن كان في وظيفة عامة ولعمله تعلق بمن يعرف ومن لا يعرف وفرَّط تفريطا في عمل أضر بالناس في أبدانهم أو ممتلكاتهم أن يعرفهم ويتحلل منهم، فلم يبق له إلا القصاص يوم يُحبس الناس على الصراط يتقاصون الحقوق والمظالم، فلا يُنجِيه في هذا الموقف صلاة ولا صوم ولا حج إن استغرقته المظالم، بل إن فنيت حسناته في رد المظالم أُخد من سيئات من كان ظلمهم فطرحت عليه ثم طرح في النار، جاء في الصحيح من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِن النَّارِ حُبِسُوا بِقَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا نُقُّوا وَهُذِّبُوا أُذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ الجَنَّةِ) (البخاري حديث رقم 2308).
ومعنى هذا أن الذي يباشر اختلاس المال العام أو يغض النظر عنه، مختلس، والذي يباشر الظلم أو يغض النظر عنه، ظالم، والذي يباشر التفريط في العمل والتعويق والتنصل والتغيب عنه أو يؤديه على غير الوجه المطلوب منه هو ومن يغض النظر عنه في هذا التضييع والتفريط شريكان عند المحاسبة والقصاص، وكون من فَرَّط في شيء من هذا يُنفذ أمر المدير أو الوزير أو يفعله بإذنه وعلمه غاضا النظر عنه لا يُنجيه من التبعية.
وكذلك من تسبب في إتلاف أموال الناس وانتزاع أملاكهم على غير الوجه المشروع المشروط ببذل القيمة الحقيقية والرضا عند عدم التعنت ـ هو أيضا ضامن لما أتلفه، ويتحمل كامل المسؤولية الشرعية القائمة على الضمان والقصاص، والعمدُ والخطأُ في باب الضمان سواء.
التعذر بأن الموظف ينفد ما أمر به:
لا يُعذر الموظف الذي فعل شيئا من المخالفات السابقة أو غيرها بأنه إنما فعل ذلك بأمر رئيسه وأنه مكره لا حيلة له في الترك والإصلاح، إلا أن يكون الإكراه مُلْجِئًا، بأن هُدِّد المُكرَه بقتل، أو تعذيب يُفضي إلى إتلاف عضو أو حاسة من حواسه، ولا يُلتفت إلى مجرد التهديد بالحبس والضرب، فلا يُعدّ به الفاعل مكرَها معذورا في إتلاف أموال الناس أو تضييع حقوقهم (انظر منح الجليل 3/512).
فإن الله تعالى يقص علينا حوار الضعفاء والأقوياء يتحاجُّون في النار حين تنقطع الأسباب ويحاول كل فريق أن يُلقي التبعية على الآخر فلا يجد ممن كان له في الدنيا آمرا وناهيا إلا تَنَكُّرا وصدودا وتَبرُّأً وجحودا، والمودة التي كانت بينهم في الدنيا لأجل المصالح التي بينهم تنقلب عداوة وبغضا، ولعنا وتمنيا أن ينتقم الضعيف من القوي ليشفي في ذلك صدرا، كما يتمنى أن لو كانت هناك كَرَّة وللأمر عودة فيتبرَّأُ التابع من المتبوع والمرؤوس من الرئيس، قال تعالى: ]إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا ۗ كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ ۖ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ[ (البقرة 166 ـ 167)، وقال: ]وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ[ (غافر 47 ـ 48)، وقال: ]وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا ربنا أتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كثيرا[ (الأحزاب 67).
وخوف العزل من الوظيفة وحده إن لم يُنفذ الموظف ما كُلِّف به مما فيه مخالفة شرعية لا يُعد إكراها يُخلصه من المساءلة الربانية يوم يقوم الناس لرب العالمين.
فهذا عموم في المسؤولية الفردية يتدرج من الغفير إلى الوزير لا يخرج عنه أحد.
نعم، الحاكم عليه مسؤولية كبيرة على كل فساد منه أو من بطانته أو رعيته هو أصله وبسببه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَسْتَرْعِى اللَّهُ عَبْدًا رَعِيَّةً يَمُوتُ حِينَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لَهَا إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) (مسلم حديث رقم 381).
العلاج ؟:
علاج الفساد الإداري يتطلب أحد أمرين؛ قانونا رادعا صارما يُنظم واجبات الناس ومسؤولياتهم ويُبين حقوقهم، ويعاقب عقوبة صارمة كل من أخل بهذه الواجبات أو ضيع الحقوق، وهذا هو الذي يردع من لم يكن في نفسه رادع.
أما المسلم الذي يعبد الله ويرجو ثوابه ويخاف عقابه فيجب أن يعرف مسؤوليته الدينية، وأنه كما يعبد الله ويتقرب إليه بالصلاة وتلاوة القرآن والصيام والصدقة فإنه يعبده أيضا ويتقرب إليه بإتقان عمله وانضباطه، وأن القيام به على الوجه الأكمل يُدخله الجنة، والتفريط فيه بتضييع حقوق الآخرين يُدخله النار، وهذه المسؤولية الدينية إذا علمها الموظف وأدرك تبعاتها فإنه لا يقدر أن يُفرط، فإن العزل والمنصب يصير في نظره سواء، ومن صار كذلك سَلِمَ من الملق والمداهنة وتزوير الباطل، وتصير عنده القدرة على أن لا ينفذه إذا أُمر به، لأنه يعلم أن الطاعة إنما تكون في المعروف، فالذي يجعل الناس يزينون الباطل أو ينفذونه إذا طُلب منهم ويعلمون أنه باطل هو الحرص على الجاه والمنصب والسلطان، ومن استوى عنده العزل والبقاء في المنصب سلم من ذلك كله، ولو أن كل من طُلب منه إجراء لعمل باطل وهو يعلم أنه باطل امتنع منه، لتوقف الفساد ولم يجد أرضا تنبته.
الإصلاح في الوظيفة من الفرائض:
القرآن الكريم آياته تأمر بالإصلاح والعدل والإحسان وأداء الحقوق، وتنهى عن الفساد والظلم والاستبداد والتعدي وأكل المال بالباطل ]وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ[ (البقرة 205)، ]إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ[ (يونس 81)، ]وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ[ (الأعراف 142)، ]وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا[ (الأعراف 56)، ]إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ[ (الأعراف 170)، ]وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ[ (هود 117)، ]وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ[ (البقرة 205)، ]وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ[ (البقرة 60)، ]إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا[ (المائدة 33)، ]إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ[ (النحل 90)، ]وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ[ (البقرة 188).
هذه نصوص قرآنية بينة واضحة، الخطاب فيها متنوع يخاطب الفرد تارة والجماعة أخرى، فالجميع مأمور بالإصلاح، والأمر للوجوب، والوجوب يكون عَيْنِيًّا ويكون على الكفاية، ويتعين الإصلاح فيصير من فروض العين في حالين؛ حالة ما إذا أُخذ عليه أجرٌ في وظيفة أو عمل، فإن إصلاح العمل والقيام به على الوجه الأكمل يصير حينها واجبا عينيا، وإذا صار واجبا عينيا كان تركه والتهاون فيه من غير عذر إثما ومعصية، من جهة أن تارك الواجب يُذم شرعا، ومن جهة تضييعه لما اؤتمن عليه، وعدم وفائه لما تعاقد عليه، والله تعالى يقول: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ[ (المائدة 1)، ويقول: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ[ (الأنفال آية 27).
ذكر الله عند أمره ونهيه:
ليس ترك الواجب لأجل تحصيل ما دونه من القربات ـ كالانشغال في وقته بالمندوب من صلة الأرحام أو الصلوات ـ بعذر يرفع الإثم، لأنه من استبدال المندوب بالواجب، وترك الفرض لتحصيل المستحب، وقلب الأمور بإفسادها ووضعها في غير موضعها، وهو معنى قول عمر رضي الله عنه: (لا تنظروا إلى صلاة الرجل ولا إلى صيامه، ولكن انظروا إلى صدقه إذا حدث، وإلى أمانته إذا اؤتمن)، فالذي يتأخر على عمله، أو يطفف في أدائه ،هو قد وعد فأخلف، واؤتمن فخان، فسائق الحافلة وقائد الطائرة والمهندس والطبيب والموظف والمعلم لو قام الليل يصلي ويذكر الله تعالى ثم تأخر عن وقت عمله أو طفف فيه يكون قد أفسد من حيث أراد أن يُصلح، وإفساده قد لا ينجبر، فالسائق والموظف فَوَّت بتأخيره أو تطفيفه على المسافر والمراجع حقا قد لا ينجبر، والمعلم ضيع الدرس على الطالبين، والمهندس الذي يُصلح الآلة والمصنع عَطَّل العمل بأكمله، والمريض الذي ينتظر الطبيب فيتأخر دواؤه أو تتأجل جراحته ما يصيبه من الكرب أو الضرر بهذا التأخير لا يُعوض، فأين ذكر الله وأين أثره على العمل والسلوك!!، يقول عمر رضي الله عنه: (أفضل مِنْ شُكر الله باللسان ذِكرُه عند أمره ونهيه).
فغالب ذكر الناس اليوم ذكر اللسان، لا ذكر الوقوف عند الأمر والنهي، لا ذكر السلوك والعمل الذي يغمر القلب واللسان والجوارح، فمن ذكر الله عند أمره ونهيه أمن جانبه وخلص نفعه، فلا يتكلم فجورا، ولا يشهد زورا، ولا يُخلف وعدا، ولا يخون أمانة، ولا يخاصم على شبر من أرض بهتانا، ولا يرضى بالمُقام في مِلك يعلم أنه ليس له ولم يصل إلى يده بما أحل الله به الأملاك، من أراد أن يفوز بما أعده الله تعالى للذاكرين فليذكر الله تعالى عند أمره ونهيه.
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
10 محرم 1432 هـ
الموافق 16 / 12 / 2010