ليبيا ... (تشخيص الداء)

بسم الله الرحمن الرحيم

لا يخفى على أحد تردي الأوضاع الأمنية المؤلمة في الأيام الأخيرة !

ألّب الإعلام في الشهور الماضية الشارع على الثوار في اللجنة الأمنية العليا بطرابلس وسبها، وعلى الدروع في بنغازي، وداهم متظاهروا ما سمي بـ "جمعة إنقاذ بنغازي" معسكرات الدروع، وتعرضت حياة قادة من الثوار - الذين كانوا في ذلك الوقت يحفطون الأمن - للموت، وأصيب منهم من أصيب!

كان ذلك تحت شعار بناء الدولة والجيش والشرطة، وهي مطالب غالية يتطلع إليها كل الليبيين دون شك، لكن بعضهم كان يستعمله شعارا بحق، وبعضهم كان يستعمله بباطل!

وتحت هذا الشعار نجح الإعلام في إقناع الشارع  بشيطنة الثوار جميعا دون تمييز، وترتب على ذلك ثلاثة أمور عظم على الناس خطبها: 

الأول - التخلص ممن كانوا يحفظون الأمن، وسمَّوْهم "مليشيات"، وشوهوا صورتهم، فاختفوا عن المشهد مكلومين، وعضوا على الجراح، وتجرعوا مضاضة ظلم من كانوا يوفرون لهم الحماية، - والسلاح بأيديهم - فلم يثأرو لأنفسهم، حقنا للدماء، وجمعا للكلمة، وهم قادة أبطال، لا يرضون الذل، عرفتهم ميادين القتال طول معارك التحرير، ولا أحد يستطيع أن يزايد عليهم، فكان الحال مِن بعدهم كحال المستجير من الرمضاء بالنار!

الثاني - فراغ أمني مخيف، تبين منه أن استعمال شعار بناء الجيش والشرطة من قبل من أطاح بالثوار، كان فقط لإبعادهم، ثم بعد ذلك: "خلا لك الجو ... فبيضي واصفري"

طرق غير آمنة ...

مستشفيات تَقفل أبوابها تحت ضربات المجرمين والمخمورين ...

سلب ونهب وحرابة في الطريق العام ...

اغتيالات وتفجيرات تخطف الأرواح ... 

مجرمون يهرّبون من السجون إلى خارج البلد ... ومعسكرات تُنهب بعتادها ومستنداتها ... 

سطو غير مسبوق على مقدرات الشعب الليبي كلها (النفط) باستيلاء مجموعة مسلحة عليه، ومنع الدولة من تصديره، لتبيعه هذه الجماعة خارج رقابة الدولة لصالحها في تحد سافر للحكومة!

ويتم كل ذلك باسم حماية النفط وحراسته والحرص عليه!!

الثالث - تلاعب بالألفاظ والمصطلحات،  وتضليل من الإعلام للرأي العام داخل ليبيا وخارجها في "الفيس بوك" وبعض الفضائيات - وجرواإليه للأسف بعض الخيرين - فوصفوا كل من يدعو إلى إقامة الدين وتحكيم الشرع في ليبيا أو خارجها   "بالإخواني" وأضاف إليه الإعلام الليبي  وصف "عميل قطر"  فصار استعمال كلمة "إخوان" فزاعة لترهيب الناس وتأليبهم على الدين، تماما كاستعمال الغرب لكلمة "إرهاب" - التي لم يضعوا لها تعريفا إلى حد الآن - حتى تبقى أداة صالحةً للبطش بكل من ينتمي إلى الإسلام ويتبناه، 

 تماما - مرة أخرى- كما كان الإعلام الليبي أيام القذافي يسمي من يرتادون المساجد من الشباب "زنادقة"، فما أشبه الليلة بالبارحة!

 فالحذر الحذر من التدليس والتلبيس والخداع، الذي لا يذهب فقط بالأرواح، بل يذهب أيضا بالدين!

فمن يسهم في هذا التلبيس عليه أن يتحمل الآن دماء الأبرياء وذهاب الدين.

هذا هو تشخيص الداء لما نحن فيه، فلننتظر في مقال قادم وصفة الدواء!

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

16 شوال 1434 هـ

23 أغسطس 2013 م

 

التبويبات الأساسية