بسم الله الرحمن الرحيم
فقيدُ الوطنِ، المجاهدُ بسيفِه ولسانِه وقلمِه، نقيبُ عام المحامينَ؛ عبد الرحمنِ الكيسة، مَن عرَفَتْهُ ردهاتُ المحاكمِ، وأروقةُ دورِ القضاء؛ أسدًا هصورًا، وخطيبًا مفوهًا جسورًا، عرفتْه المحافلُ الحقوقيةُ؛ ناصرًا للحقِّ، مدافعًا عن قضايا الوطنِ، كاشفًا للزيفِ، قامعًا له، فاضحًا لأهلِهِ.
كان للفقيدِ صدارةٌ ومكانةٌ في السلمِ وفي الحربِ، في السِّلم صاحب حجةٍ وبيانٍ، ومقالةٍ وبرهانٍ، هينًا لينًا وَدودًا مِطواعًا محبوبًا، مِن الّذينَ يألفونَ ويُؤلفون، كما هي خصالُ المؤمنِ، التي مدَحَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنّ مِنْ أحبّكُم إليَّ، وأقرَبكُم مِني مجْلسًا يومَ القيامةِ، أحاسِنُكم أخلاقًا؛ الموطّؤونَ أكنافًا، الّذينَ يَألفونَ ويُؤلَفونَ).
وفي الحربِ على الأعداءِ كانَ فارسًا مِقدامًا، رابطَ الجأشِ، شديدَ المِراسِ، وثابًا غيرَ هيابٍ.
قادَ الفقيدُ في معركةِ الوطنِ جبهةً حقوقيةً، كانت محتاجةً إلى أمثالِهِ، ترافعَ فيها أمامَ القضاءِ العالي بمهنيةٍ وكفايةٍ عاليةٍ، أظهرَ فيها حجةً وبرهانًا، وحنكةً ودرايةً، انتهتْ بحكم دستوري مشهودٍ، كانَ للفقيدِ فيه بصمةٌ.
حكمٌ سيذكرُه تاريخُ الوطنِ في صفحاتهِ، وإن تجاهلَهُ العالمُ بأسْرِهِ لحاجةٍ في نفسِهِ.
كان الفقيدُ مِثالًا لكلّ مَن عرفَه؛ في الصبرِ والمثابرةِ، والسعيِ الدؤوبِ لنصرةِ الدينِ وقصايَا الوطنِ، ينهضُ العزائمَ ويبعثُ الهِمم، ويفتحُ - في أحلَكِ الأوقاتِ - في النفوسِ أبوابَ الأملِ، يحذّرُ دائمًا مِن الاستسلامِ والانهزامِ، ومِن التنازلاتِ والاستكانةِ إلى الضغوطِ، مهما تحالفَ الأعداءُ، وأرجفَ في الأوساطِ المرجفونَ، وخذّلَ المخذِّلونَ.
نحسبه مِمنْ صدَقوا ما عاهدُوا اللهَ عليهِ، ولا نزكِّيهِ على الله.
قال تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) [الأحزاب:23].
نسأل الله أنْ يتقبلَ الفقيدَ في الشهداءِ، وأن يشفيَ الجرحَى والمصابينَ، وأن يُعجلَ بالنصرِ على الطغاةِ والبُغاةِ آمين.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
الأحد 7 رمضان 1437 هـ
الموافق 12 يونيو 2016 م