الخطر يهدد الثورة ... ماذا بعد تصدير النفط؟!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

باخرة ترفع علم كوريا الشمالية بميناء السدرة، تسرق النفط في وضح النهار، وما يسمى (بالمكتب السياسي لإقليم برقة) يعلن عن تصدير ثلاثمائة ألف برميل لحسابه، كل ذلك يحصل في ليبيا عن طريق السطو المسلح!

إذاً، ثروة الشعب الليبي (النفط) تسلب الآن على الشواطئ الليبية في عهد الثورة !! وعلى مرأى ومسمع من وزارة النفط والحكومة المؤقتة والمؤتمر الوطني العام، أمر يدعو إلى الضحك وإلى البكاء في آن واحد!

المضحك فيه هو موقف الحكومة التي كانت تعلن على مدى الشهور الماضية  توعُّدها (الجضران)، إذا لم يفك الحصار خلال أيام معدودة فستفعل وتفعل، وستستعمل معه كل الوسائل لفك الحصار بالقوة!

لكن الكل - بما فيهم (الجضران) - كان يعلم أنه لن يحصل شيء، و أنها تصريحات إعلامية  لا تختلف عن تهديدات حكومية  صحفية مشابهة، حول قوائم  أخرى كثيرة لجرائم قتل وتفجيرات ولصوصية. 

كانت الحكومة تتوعد فيها الجناة بالتحقيق والمساءلة القانونية، إلى أن توقفت عن هذه التحذيرات أخيرا، وكأنها لم تعد تصدق حتى نفسها! 

أسلوبٌ مثل هذا في التعامل مع الجناة - دون شك - يجرئ الخارجين عن القانون على التحدي والتمادي، ويشجع من لم يخرج على الخروج  والابتزاز، فسقطت بذلك هيبة الحكومة في عين الجميع، ولا أظن أن هناك قضية محل اتفاق من الليبيين جميعا أكثر من اتفاقهم على سقوط هيبة الحكومة وعلى فشلها، بما فيهم  كتلة أعضاء المؤتمر المتشبثة ببقائها، وعليهم أن يُعدوا الجواب لسؤال الديان عن التشبث مع الاعتراف بالفشل، فكأن ما يجري من فعلهم التصميم على المواصلة حتى حلول الكارثة، وهذا هو الظلم بعينه (ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا)!! 

هذا ما يضحك من المشهد، أما ما يبكي، فهو ما نُكبت به ليبيا من تفكك، وتخاذل، وانقسام، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، وعزوف عن اكتمال مسيرة الثورة في جانبين:

- جانب الدعم المعنوي، وشمل كل القوى الوطنية الفاعلة - إلا من رحم ربك -  من السياسيين  والناشطين والإعلاميين والحقوقيين ومكونات المجتمع المدني، التي تضامنت أيام الثورة وازدحمت بها وسائل الإعلام، وأبهر العالَمَ توحُّدُها حين تكلمت بصوت واحد ...

 بلاءات ثلاث ...

 لا لتقسيم البلاد ...

 لا للأجنبي يطأ التراب ...

لا أقل من خروج القذافي وأولاده من حكم البلاد ...

فحققت بوحدتها شروط القوة والنصر في القرآن فانتصرت (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم). 

 - ثم عزوف آخر على الميدان تمثل في رجال أعمال كانوا يوم الثورة السند الأول لجبهات النضال، وحدوث تفكُّكٍ بغيض بين القبائل الأصيلة، الخط الثاني لجبهات القتال.

 ثم أولا وأخيرا مسك الختام، ثوارٌ أشاوس، كانوا عند التزاحم على طلب الشهادة يقترعون من يسبق أخاه في الميدان!   

أين من غضبوا بالأمس وأَرَوُا الله من أنفسهم خيرا من كل القوى الوطنية التي ذكرت؟!

أين هم مما يجري من نقض اللاءات الثلاث، عروة عروة واحدة بعد الأخرى؟! 

وحدة الوطن تنقض!

 والأجنبي يمهد له!

 والخلايا النائمة أشهرت السلاح! 

بواخر تتعاقب  الواحدة بعد الأخرى على الموانئ الليبية لسرقة النفط في وضح النهار، فهل جرى لنا مثل هذا من  قبل يا كرام ؟! 

وهل تبين للمنظرين للفدرالية بأنها تنظيم إداري، وليست تدبيرا لتقسيم البلاد؟!

هل تبين لهم - بعد اعتراف زعيم الفدرالية بسرقة النفط الليبي - خطأهم، وتحملهم مسؤولية ما يحدث وتداعياته؟!

وهل يعلم الليبيون ماذا سيصنع بمال النفط المهرب، شراء مرتزقة وذمم بعض الميليشيات والخلايا النائمة، للانقضاض على من بقي من الثوار! 

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

٧ جمادى الأولى ١٤٣٥ هـ

الموافق ٨-٣- ٢٠١٤ م

 

 

التبويبات الأساسية