حوار صحيفة (ليبيا هيرالد) مع سماحة المفتي حفظه الله

1. تحدث فضيلتكم يوم الجمعة الموافق 25/05/2012م في محاضرة بمسجد مراد أغا بمنطقة تاجوراء عن محاولات إيران لتشييع الشباب الليبي .

  • هل وجدتم أدلة تفيد بمثل هذه الحالات ؟

ج / نعم هناك نشاط إيراني ملحوظ ومشبوه داخل المدن الليبية لنشر المذهب الشيعي، فقد أُلقي القبض قبل شهر تقريبًا في مدينة طرابلس على مجموعة تنظم معرضا للكتب التي ينشرونها في مدينة طرابلس دون إذن أو ترخيص، وتُدعى المجموعات بعد المجموعات من الليبيين من مختلف التوجهات والأعمار للقيام برحلات مجانية إلى إيران للضيافة على هيئة أفواج متتابعة، وهناك مجموعة تقوم بتوزيع نماذج لاستطلاع الرأي عن نقاط الضعف ونقاط القوة في أثر هذه الزيارات والضيافة في إيران، ويعرضون استعدادهم على مؤسسات في الدولة رسمية وغير رسمية لمنح تدريب مجاني في مختلف الأنشطة للشباب الليبيين رياضية وغير رياضية، وضبط هذا الأسبوع شاب جزائري شيعي بمنطقة النجيلة يوزع كتب المذهب الشيعي.

  • وهل يوجد بعض الشباب الذين اعتنقوا المذهب الشيعي ؟ وهل تقدم اليكم بعض الشباب الذين تم محاولة تشييعهم لطلب الفتوى أو المشورة في الأمر؟

نعم اتصلت بعض العائلات بدار الإفتاء يشكون من أنهم قد فوجئوا بأفراد من عائلاتهم تحولوا إلى القاديانية أتباع ميرزا أحمد القادياني الملحد، الذي يرى أنه يوحى إليه، وأن الذات الإلهية تقمصت فيه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وهو من المذاهب المنتشرة في إيران وأفغانستان وباكستان والهند.

2. تناقلت بعض وسائل الإعلام أن هناك بعض محاولات التنصير بالمنطقة الشرقية، وذكرت نفس المصادر أنه تم مصادرة وثائق ومنشورات ومطويات تنصيرية .

  • ما مدى مصداقية هذه المعلومة ؟
  • وما هو موقف دار الإفتاء من هذه الحملة الممنهجة ضد الشباب الليبي ؟
  • هل ستقوم دار الإفتاء باعتماد مخطط معين للتصدي لمثل هذه الظواهر ؟ وما مدى تأثيرها علي الشباب الليبي ؟

ج / النشاط التنصيري أيضا أصبح يسبب قلقا كبيرا، وذلك بسبب الفوضى وغياب الأمن وعدم السيطرة على منافذ الدولة، فكل من له نحلة يستطيع أن يُدخل ما يريد من منشورات وأفكار هدَّامة مع الإغراء بالمال، وقد يستغلون في ذلك وسائل أخرى كنشر المعاصي والإباحية مما يستهوي بعض الشباب، وقد شكت بعض العائلات أن أفرادا من عائلاتهم تنصروا بسبب إلقاء هذه الحملات التنصيرية بعض الشبه عليهم، ودور دار الإفتاء كشف المخططات الدعائية للتشيع، وكذلك الحملات التنصيرية، وكشف الشبه التي يلقونها، والرد عليها من خلال البرامج الإعلامية والمواقع الإلكترونية والدروس في المساجد وغيرها.

3.   ظهرت علينا في الفترة الماضية هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد استهجن بعض المواطنين الطريقة التي ظهرت بها هذه الهيئة، خصوصا أن تبعية هذه الهيئة لوزارة الثقافة، والتي كان يفترض أن تكون تبعيتها إما لوزارة الأوقاف، أو إلى دار الإفتاء.

  • ما هو دور هذه الهيئة تحديدا ؟
  • هل ستكون لهذه الهيئة صفة الضبط القضائي؟
  • هل سيكون لها محاكم خاصة بها وسجون وقوانين وعقوبات؟
  • هل هي استنساخ لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالسعودية ؟

ج / هناك عدة محاولات من بعض الخيرين لتأسيس هيئة تعمل على التوجيه والتصحيح والإرشاد، والحد من الفساد والمنكرات التي انتشرت انتشارا واسعا بسبب غياب الأمن وعدم السيطرة على منافذ الدولة، مثل: التلبس بعلاقات فاسدة على الشواطئ والطرقات والحدائق، وانتشار الخمر والحشيش، وتهريب السلع الفاسدة وما إلى ذلك، ولهم برامج جيدة ونافعة في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ولكن لم يتم بعد اعتماد هذه الهيئة من الناحية الرسمية، ولا ضمها إلى أي وزارة من الوزارات حسب علمي، والمطلوب من الدولة أن تتبناهم ولا تتأخر في ذلك، لأنهم سيكونون عونا لها على تنفيذ القانون، وضبط المخالفات والجماعة التي قابلتها منهم وأطلعوني على برامجهم وجدتها برامج جيدة, ودعوتهم تقوم على الرفق والوسطية والاعتدال، وعملهم ينبغي أن يكون مقدرا ومشكورا؛ لأنهم يقومون بواجب كفائي عن الأمة لا أن يدعو إلى الاستهجان كما جاء في السؤال.

و هذه الهيئة ليست استنساخا لما هو موجود في أي بلد آخر كما جاء في السؤال، وليس لها محاكم خاصة، ولا شيء من هذا، وإنما هي هيئة تبصير ودعوة، ومهمتها تبليغ الجهات المختصة بما يضبطونه من مخالفات شرعية تتعارض مع قيم هذا المجتمع، ونشاطها يمكن أن يستفيد منه كل مواطن بغض النظر عن توجهه، فإن من نشاطها حماية المستهلك، ومراقبة الأسواق، وضبط الغش أو المواد الضارة، والتهريب وما إلى ذلك، وأقترح أن يكون اسم هذه الهيئة هيئة الرقابة الشرعية وحماية المستهلك، وأن يستعان فيها بتخصصات مختلفة ليس فقط من علماء الشريعة، بل في الاقتصاد والإدارة والأغذية وما إلى ذلك.

4. ليبيا دولة إسلامية شعبها يعتنق المذهب السني، ولكن في الآونة الأخيرة ظهر علينا بعض الأشخاص من الساسة ينتهجون المذهب العلماني، وينظّرون للعلمانية، ويلقون المحاضرات والمؤتمرات، بل وقد وصل بهم الأمر إلى حد اللعب برأس بعض الشباب لتحويل ليبيا إلي دولة علمانية.

  • ما هو رأي دار الإفتاء بهذا الخصوص؟
  • وهل يوجد فتوى معينة أو قرار صادر من دار الإفتاء بمحاربة هذه الظاهرة ؟
  • وهل ستقوم دار الإفتاء بإقامة حلقات نقاش ومناظرة بين الطرفين "العلماني، والإسلامي" للتعريف بمخاطر العلمانية ؟

ج /  العلمانية بمعناها المنحرف القائم على تحييد شرع الله عن الحياة، وأنه لا علاقة  له بشؤون الدولة وقوانينها، وإنما دوره خاص بالمسجد، والحياة العامة في السياسة، والاقتصاد، والإعلام، والأسرة، والمعاملات والإدارة وغير ذلك لا يصلح أن يحكمها الشرع بل قوانين البشر لها أصلح كما يزعمون، لا شك أن العلمانية بهذا المعنى مذهب ملحد؛ لأنه يردُّ على الله أمره ونهيه، ويرى أن قوانين البشر وأحكامهم خير من شرع الله عز وجل وحكمه، والله تعالى يقول: (ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) وغالبية الليبيين بفطرتهم سيرفضون هذا التوجه الذي يرى أن قول البشر في قانونهم الوضعي بإباحة الربا مثلا خير من قول الله تعالى:(وأحلَّ الله البيع وحرم الربا(.

5. في الآونة الاخيرة ظهر بعض أشباه الثوار علي الساحة ونفذوا عدة عمليات من سرقة وقتل واعتداء على المواطنين وتعذيب وتجارة وتعاطٍ للخمور والمخدرات والعياذ بالله.

  • ما دور دار الإفتاء في هذا الموضوع ؟
  • هل ستساهم دار الإفتاء بإصدار قوانين لمحاربة الجريمة من هذا الشريحة من الشباب ؟
  • هل هناك خطة معينة بإعداد مناهج معينة أو إعداد حلقات دراسية لهؤلاء الشباب لهدايتهم وإعادتهم للصراط المستقيم ؟

ج / دار الإفتاء تستنكر بشدة ما ذكرْته من الجرائم عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، ولكن ليس من اختصاصها إصدار القوانين.

6. ماهي النصيحة التي يمكن أن تقدمها دار الإفتاء عن الأمور التالية :-

  • الاشتباكات المسلحة بين المناطق علي سبيل المثال: ( الطوارق وأهل غدامس ) (التبو والطوارق) (ورشفانة و الزاوية) (الرقدالين والجميل وزوارة).
  • دور الحكومة في الوضع الراهن الذي يتصف بالضعف.

ج / على جميع الأطراف أن ينتبهوا إلى أن هذه الاشتباكات تحاك على الثورة من الماكرين باللعب على وتر القبلية، فعلى أهل العقل والدِّين أن يفوِّتوا الفرصة على أعدائهم، ولا يستجيبوا لداعي القبلية والعصبية، فإن من احتمى بها فقد احتمى بموروث الجاهلية ومن مات عليها مات ميتة ظالمة.

  • الإنفلات الأمني وعدم احترام رجال الشرطة والمرور .

لا يجوز للمسلم أن يتعدى ويخالف قوانين الدولة ولوائحها التي لا تخالف الشريعة سواء فيما يتعلق بالمرور والشرطة، أو بالمال العام، أو المساجد أو غير ذلك، وعلى الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها في ذلك وتنفد القانون، وتعاقب المخالفين، ومن قصَّر من المسؤولين في ذلك فقد غش الأمة، وما من والٍ يلي رعية من المسلمين فيموت يوم يموت غاشا لهم إلا حرم الله عليه الجنة, كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح السنة.

  • الانتخابات القادمة (المؤتمر الوطني العام) وخصوصا دور المرأة في الترشح والانتخاب.

على الناس جميعا أن يشاركوا في انتخابات المؤتمر الوطني باختيار الأصلح الذي يقيم العدل والحق، ويحكم بشرع الله الذي هو العدل والرحمة والحكمة، وأعداء الإسلام يخوفون العامة من الحكم بشرع الله، وهذا من الصد عن سبيل الله، وكلامهم مردود عليهم فإن الله تعالى يقول: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) فليس في رسالة السماء قهر ولا استبداد ولا ظلم لأحد، ومن لا يريدون حكم الإسلام قد يلجؤون إلى وسائل متعددة لتشويه صورته عند العامة، فقد يستأجرون من ينفذ تفجيرات أو اغتيالات ذات طابع ديني، لتلصق في أذهان العامة بالإسلاميين أو السلفيين أو غير ذلك، وكل هذا من المكر والصد عن سبيل الله قال تعالى: (ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من ءامن تبغونها عوجا).

والواجب على الناخب وهو يقف على صندوق الانتخاب أن يتقي الله في الأمانة التي حملها، وأن يختار القوي الأمين كما ذكر القرآن:(إن خير من استأجرت القوي الأمين), أي: صاحب الأمانة والديانة مع الخبرة والكفاية، فإن بطاقة التصويت شهادة يؤديها الناخب ويسأله الله عنها يوم القيامة؛ لأن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه .

وليحذر المسلم أن يبيع صوته بالمال أو بوظيفة أو بنصرةٍ لقبلية أو جهوية أو منصب، فيبيع بذلك دينه وأمانته ويلقى الله تعالى غاشا, فقد جاء في الحديث: (من ولَّى أحدا وهو يرى أن غيره خير منه فقد غش الله ورسوله, قال الله تعالى :(يا أيها الذين ءامنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون).

  • تشبث بعض الأشخاص بالمناصب .

الحرص على المنصب جرحة في صاحبه، ويكون في الغالب دليلا على عدم النزاهة والنصح، وصاحبه لا يوفق، فقد قال صلى الله عليه وسلم لعبدالرحمن بن سمرة: يا عبدالرحمن لا تسأل الإمارة, فإنها إن أوتيتها من غير مسألة أعنت عليها, وإن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها ) وقال صلى الله عليه وسلم لمن سأله أن يوليه، كما في حديث أبي موسى رضي الله عنه: (إنا لا نولي هذا الأمر أحدا يطلبه ولا أحدا حرص عليه), وقال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر عندما قال له: ألا تستعملني؟: (يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة, وإنها خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها).

  • المصالحة الوطنية مع أزلام النظام السابق خصوصا الأشخاص الذين استباحوا أموال الشعب الليبي.

المصالحة الوطنية مطلوبة لكن تكون بعد إقامة العدل والقصاص من المتورطين في دماء الناس، واسترداد الأموال ممن نهبوها، ليس فقط ممن تورطوا في عهد الظلام السابق، بل حتى الذين نهبوا الأموال وسفكوا الدماء بعد الثورة.

 

التبويبات الأساسية