صندوق الرعاية الإجتماعي

السؤال: 

أنا اشتغل في شركة الحديد والصلب ولدينا صندوق يسمى صندوق الرعاية الاجتماعية وهذا الصندوق مبني على أساس اشتراك من العاملين بالشركة بحيث يدفع كل مشترك 4 دينار كل شهر وفي حالة حدوث أحد الحالات التي حددها الصندوق يدفع للشخص أو العامل مبلغ من المال ففي حالة مولود 150 دينار في حالة موت أحد الأقارب 500 او ماشابه ذلك وغيرها من الحالات. مع العلم بأنه في حالة الوفاء وفي حالة كان هناك اكثر من فرد من عائلة واحدة مشترك في هذا الصندوق ستعطى القيمة لشخص واحد فقط . ونحن عندما أشتركنا في هذا الصندوق قالوا لنا أنه أذا كان ذلك بنية المساعدة فذلك جائز نريد بيان الحكم الشرعي هل استمرار في هذا الصندوق او أنني أنسحب منه

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
هذا من التعاون الجائز، بشرط أن تكون وجوه الصرف للمشتركين كلها مشروعة، كالإعانة على الدية في القتل، والقرض، أو المساعدة مجانا للمتزوج أو المريض، لا أن يعان منها صاحب المأتم على عمل الولائم، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ)، (مسلم حديث رقم 2699)، وليست هذه الصورة من التأمين التجاري المُحرَّم، المبني على المخاطرة والقمار. والفرق بينه وبين التأمين المحرم أن التأمين المحرم ذو صبغة تجارية، تعود أرباحه فقط على مؤسسيه، الذين وضعوا فيه رؤوس أموالهم على وجه المقامرة والمخاطرة، أما صندوق التضامن فأمواله كلها تعود على جميع المشاركين الذين أسهموا فيه، فلو قلّت الحالات التي تستدعي الإنفاق منه كان الفائض من أمواله عائدا على جميع المؤمَّنين.
فهو كصندوق الضمان الاجتماعي الذي يسهم فيه الموظفون ويقتطع فيه من مرتباتهم، فإذا ما أحيل أحدهم على المعاش استحق نصيبه منه، حسب اللوائح الموضوعة للصندوق، وبعضهم قد لا يدرك سن التقاعد أصلا فلا يأخذ شيئا مما اقتطع منه، وبعضهم قد يأخذ كثيرا، وبعضهم يأخذ قليلا، لكن لما كانت الغاية من تأسيسه التعاون والتكافل أفتت كل المجامع والمجالس الفقهية بجوازه، وذلك بخلاف التأمين التجاري القائم على الغرر .
وقد صدرت فتاوى من مجالس علمية عديدة بجواز التأمين التعاوني الإسلامي ليحل محل التأمين التجاري على البضائع والخدمات وغيرها من الأعمال، وهو في حقيقته لا يختلف عن صندوق الضمان الواقع في السؤال، لكن المحذور الذي ينبغي التنبه إليه فيما يتعلق بصندوق التضامن الواقع في السؤال ـ المصارف التي يصرف فيها مال الصندوق، فينبغي أن تكون كلها مصارف مشروعة، وليس فيها إعانة على إنفاق غير مشروع، كدفع المال لمن يموت له أحد قرابته ليعينوه على شراء الذبائح وإطعام الطعام، فإن طعام الميت منهي عنه، لما جاء في حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: (كنا نرى الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة)، (ابن ماجه حديث رقم 1612، والحديث سنده صحيح، ورجاله على شرط مسلم، انظر مصباح الزجاجة 2/53، وعون المعبود 8/282)، أما أن يكون الصندوق عونا على تزويج العازب، وعلاج المريض، وعونا لمن وجبت عليه دية قتل أو تحمّل حمالة، فهذا أمر مشروع محمود، قال الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، ومن يدفع خمس دينارات كل شهر إلى هذا الصندوق طواعية منه لا يدفعها ليغامر بها رغبة في كسب مال الآخرين، وإنما يفعل ذلك ليعين نفسه ويعين غيره عندما تنزل به أو بهم نازلة لا يقدرون على دفعها حتى يدفعوها متعاونين، وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم الأشعريين فقال عنهم: (إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم)، (البخاري حديث رقم 2354)، ومعلوم أن بعضهم يصيبه من هذا الطعام الذي جمعوه في ثوب واحد أكثر مما كان عنده ولم يكن ذلك غرر ولا غبن ولا بيع طعام بطعام متفاضلا، لأنه من التكافل والتضامن، وكذلك مال الصندوق قد يصيب فيه أحد من المشاركين أكثر مما يصيب غيره، فينبغي أن لا يكون فيه غرر ولا غبن، كما لم يكن في ثوب طعام الأشعريين غرر ولا غبن، والله تعالى أعلم.
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

تاريخ الإجابة: 
الجمعة, مايو 8, 2009

شوهدت 643 مرة

التبويبات الأساسية