حكم ما يسمى ب(الجمعية) بين الناس وهي جمع مبلغا من المال ليأخذه أحدهم وبالدور

السؤال: 

ما حكم الجمعية المنتشرة بين الناس؟ وكيفيتها أنهم يعقدون اتفاقا بينهم بأن يأتي كل واحد منهم بمبلغا من المال في نهاية كل شهر ويأخذه واحد منهم، وهكذا حتى يتم الدور على جميعهم.

 

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين. الجمعية التي يعملها الناس اليوم بأن يتفق جماعة على أن يجمعوا قدرا من المال بقدر متساو من كل واحد منهم ويعطونه كل شهر لواحد منهم حتى يتم الدور، هذا التعامل هو من قبيل القرض المراعى فيه التعاون والمعروف، لأن القابض للمال يريد أن ينتفع بالنقود ثم يرد مثلها، وليست المعاملة من قبيل البيع، إذ لا مصلحة لبائع النقود في أن يبيعها ليأخذ مثلها بعد سنة، فلا أحد يفعل ذلك مكايسة ومعاوضة، وإنما يفعله على وجه القرض والمعروف، لكن لما كان الأصل في القرض أن يكون للمعروف لا للربح والمكايسة، اشترط الشرع فيه أن يكون خالصا للمعروف فلا يعود منه على المقرض نفع، ولذا قال الفقهاء: كل سلف جر نفعا فهو ربا، وهذا بالاتفاق، إذا تمحض النفع في القرض للمقرض، أما إذا حصل منه نفع للمقرض وللمقترض، فاختلف الفقهاء في جوازه، والصحيح عند المالكية المنع، إلا للضرورة، كما في السفتجة، وهي أن يكون للشخص في بلد مال فيتسلفه منه إنسان ويكتب إلى وكيله في بلد آخر ليعطيه إياه ، وذلك خوف غرر الطريق ، فقد كان ابن الزبير يأخذ من قوم بمكة دراهم ، ثم يكتب لهم بها إلى مصعب بن الزبير بالعراق ، فيأخذونها منه ، فسئل عن ذلك ابن عباس ، فلم ير به بأسا (مصنف عبد الرزاق 8/140، والذخيرة 5/293) . والجمعيات الواردة في السؤال تقع اليوم في موقع الحاجة الملحة، لقلة من يجود بالقرض الحسن غير المشروط، والناس أكثرهم محتاج حاجة شديدة إلى حل أزماتهم بالاقتراض، فإما أن يلجئوا إلى مثل هذه الجمعيات، وإما إلى المصارف الربوية لأخذ الربا الصراح، لذا فإنه لا بأس أن يأخذوا بها تنزيلا لها على السفتجة التي يحصل النفع منها للطرفين المقرض ينتفع فيها بأمن الطريق، والمقترض ينتفع بالمال في التَّوِّ في البلد الذي لا مال له فيه، وكون الواحد منهم لا يدري هل يحصل هو الأول على القرض أو يكون الأخير لا يضر، لأن جهالة الأجل في القرض غير ضارة، فإنه يجوز ولو لم يذكر أجل على الإطلاق، لأنه من المعروف، بخلاف البيع فتضره جهالة الأجل. وفي حاشية القليوبي على المنهاج في الفقه الشافعي نص على هذه المسألة بعينها وأنها جائزة، وسماها (جُمْعة النساء)، فقال ما نصه: (الجمعة المشهورة بين النساء بأن تأخذ امرأة من كل واحدة من جماعة منهن قدرا معينا في كل جُمْعة أو شهر وتدفعه لواحدة بعد واحدة, إلى آخرهن جائزة كما قاله الولي العراقي) (حاشية القليوبي 3/321).

تاريخ الإجابة: 
الاثنين, أبريل 28, 2008

شوهدت 11095 مرة

التبويبات الأساسية